أصدر المعهد الدولي للدراسات الإيرانية (رصانة) تقرير الحالة الإيرانية لشهر نوفمبر 2019، مقدِّماً للقارئ عموماً، والباحث خصوصاً، وصفاً دقيقاً خلال الفترة الزمنية محلّ الرصد والتحليل، بهدف تشخيص الحالة الإيرانية، وقياس أوضاعها وتفاعلاتها المختلفة.
احتجاجات نوفمبر
داخلياً، وعلى المستوى الأيديولوجي، باعدت المؤسسة الإيرانية بينها وبين مواطني كل من العراق ولبنان، إذ تبنَّت خطاباً يعادي الحِراك الشعبي في الدولتين، كما أرجعت أسباب اندلاع هذه المظاهرات لعوامل عدة، وعملت على بث الفُرقة بين الشعبين العراقي والإيراني، والانتقام من بعض المسؤولين العراقيين.
وعلى المستوى السياسي، عمَّت المظاهرات والاحتجاجات الأراضي الإيرانيَّة على خلفية قرار رفع أسعار الوقود، ما أدى لخروج الشعب في الشارع رافضاً سياسة الحكومة.
وتناول التقرير في الجانب الاقتصادي أزمة الوقود الإيرانيَّة الحاضرة والمحركة لكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، نتيجة مباشرة لتراجع إيرادات طهران الحكوميَّة بحكم حظر صادراتها النفطيَّة؛ بسبب العقوبات الأمريكية، إذ تراجعت هذه الصادرات من 2.5 مليون برميل يومياً قبل العقوبات إلى نحو 125 ألف برميل يومياً، كما تدهورت معدلات النمو الاقتصادي من 12.5% في عام 2016 إلى انكماش قُدِّر بـ(-9.5%) في العام الحالي، في حين خرجت الاستثمارات الأجنبيَّة من إيران بعد أن تقلصت حتى وصلت إلى 4.03 مليار دولار في 2018، إضافة إلى ارتفاع سعر صرف التومان من 4009 مقابل الدولار الأمريكي عام 2017 إلى 11900 تومان في أغسطس الماضي.
العراقيون يرفضون إيران
وفي الشأن العربي، تناول التقرير الاحتجاجات العراقيَّة التي اندلعت منذ مطلع أكتوبر الماضي وكان زخمها الأشد نابعاً من المحافظات الجنوبيَّة رفضا للطائفية ومطالبة بتغيير نظام الحكم للخلاص من المحاصصة وتسمية رئيس حكومة جديد، وتعديل قانون الانتخابات وحل مجلس النوّاب، وأكَّدت هذه الاحتجاجات رفض التدخلات الإيرانية من خلال حرق الأعلام الإيرانية، ورفع لافتات مناهضة لبعض الشخصيات المتنفذة من إيران، ليصل نطاق هذه الاحتجاجات إلى إحراق القنصلية الإيرانية في كربلاء، واستهداف مقرات المليشيات المسلحة المواليَّة لإيران، فيما مارست إيران ضغوطاً على رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي -الذي استقال لاحقاً- للبقاء في منصبه وقمع المتظاهرين بالأساليب الأمنية التي تُعرف بها إيران.
وفي ذات السياق، لفت التقرير إلى اتفاق الرياض بين الحكومة الشرعية اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي نص في تكوين الحكومة الشرعية لمجلس وزاري مكوَّن من 24 وزيراً من كفاءات يمنية، على أن تُقسَّم المقاعد الوزارية بين المحافظات الشمالية والجنوبية في اليمن، وأدى النجاح السعودي في عقد هذا الاتفاق إلى حالة سخط في الجانب الإيراني.
تأييّد أمريكي للاحتجاجات
دولياً، تناول التقرير الموقف الأمريكي العلني المؤيد للاحتجاجات الشعبية في إيران، وتحميل إيران مسؤولية أعمال القتل بحق المتظاهرين لتفرض على طهران سلسلة من العقوبات الجديدة على خلفية القمع الذي مارسه النظام الإيراني ضد شعبه، شملت 9 أشخاص وكيانات مقربة من المرشد علي خامنئي، فيما لوحت كلٌ من بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإمكانية تفعيل آلية فض المنازعات الخاصة بالاتفاق النووي، والتي يمكن من خلالها تحويل الملف إلى مجلس الأمن، وإعادة فرض عقوبات أممية على إيران.